حوار مع المفكر والأديب والإعلامي منصور مهني


ننشر النص الكامل لحوار أجراه الزميل م. الشارني مع المفكر والكاتب والإعلامي منصورمهني في شهر أوت من سنة 2018 لإعداد كتاب جماعي حول الانتقال الديمقراطي والإعلام

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

حوار مع المفكر والأديب والإعلامي منصور مهني

 

نحن في حاجة للاتفاق على مفهوم الانتقال الديمقراطي ولتحديد مبادئه وملامحه وأخلاقياته

الإعلام العمومي في حاجة للتأقلم مع التغيرات العامة

ليست الهايكا في مرحلة السعي لحوكمة رشيدة بل في مرحلة تصريف أعمال معينة

 

يرى البعض أن منصور مهني من أبرز الوجوه الفكرية والثقافية والإبداعية والإعلامية، إضافة لانخراطه الممتد على أكثر من نصف قرن في العمل الميداني المواطني بأشكال مختلفة ومتعددة؛ فهو الأستاذ الجامعي المتميز الذي مر بمختلف مستويات التدريس ومراحله، وهو الباحث المجدد وهو من الإعلاميين القلائل الذين مارسوا مختلف المجالات الإعلامية، الإعلام المكتوب والسمعي والبصري والرقمي من باب التحرير والإنتاج والتقديم، وكذلك من باب المسؤولية الإدارية.

فهو الذي بدأ الكتابة الصحفية سنة 1975 ولم ينقطع عن ذلك إلى يوم الناس هذا، وهو الذي أنتج البرامج الإذاعية وقدمها في إذاعة المنستير لما يقارب العشرية، وهو الذي أدار قناة 21 وشغل منصب رئيس مدير عام الإذاعة التونسية عند انفصالها عن التلفزة ومنصب رئيس مدير عام شركة سنيب لابراس-الصحافة، كما ساهم في تصور وإحداث مجلات وجرائد خاصة وجرائد إلكترونية، بعضها توقف لصعوبات مالية والبعض الآخر يواصل الطريق.

لذلك أجرينا معه هذا الحوار الذي نريد فيه تسليط الضوء على مشاكل الإعلام التونسي في الظرف الراهن، مع شكرنا له على رحابة صدره وقبوله الإجابة عن أسئلتنا.

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

++ كيف يتم إعادة بناء إعلام عمومي يتلاءم مع مفهوم الانتقال الديمقراطي في تونس؟

— لا شك أن الإعلام العمومي تضرر من عديد ممارسات الحكم السلطوي وأن حرية التعبير تعد من المكاسب الأهم لما تحقق من التغيير الذي طرأ في جانفي 2011 والذي تعددت تسمياته من جراء الضبابية التي حفت بأحداثه والتوجس الذي عم شيئا فشيئا حول أهدافه ونتائجه. لكن سرعان ما ظهر بعض الانفلات الإعلامي الذي دفع بجمع هائل من المجتمع التونسي إلى حلقة الشك ودائرة الاحتياط، فصدعت آراء بما سمي انهيار المنظومة الإعلامية وبضرورة إعادة بنائها.

في الواقع، المنظومة الإعلامية لم تتغير هيكليا أو تكاد، كل ما في الأمر هو أن موقع سلطة الضغط انتقل من طرف إلى آخر وذلك بدليل أن التحليل العميق لهذه المنظومة يبرز كثيرا من الدعاية في التعاطي الإعلامي الجديد؛ وهي أشدّ دهاء لأنها أقل مباشرة؛ ومن غير الثابت أن الإصلاح يمر بإقصاء أصوات النظام السابق، فهذه الأخيرة قادرة، ببعض المسافة النقدية، على إدراك مواقع الخلل بسرعة وعلى تجاوزها. لكن يجب التحري والاحتياط من بعض الأصوات والوجوه التي انتقلت، بقدرة قادر، بين عشية وضحاها، من خطاب إلى آخر دون مرور بمرحلة التأمل والتحليل والاستشراف. وفي ذات السياق، ضاعت الخطوط التحريرية و تنسبت أخلاقيات المهنة واختلط منطق الخاص بالعام وانعدمت الرؤى أو تكاد.

وفي قضية الحال، يجب عدم التسرع في شيطنة بعض الإعلاميين الذين سلكوا الطرق المذكورة لأن المنظومة المجتمعية العامة، خاصة السياسية منها، تدفع لمثل تلك السلوكيات.

إذن، لا يتعلق الأمر أساسا بإعادة بناء إعلام عمومي يتلاءم مع مفهوم الانتقال الديمقراطي في تونس، بل بالاتفاق على مفهوم الانتقال الديمقراطي وبتحديد مبادئه وملامحه وأخلاقياته التي يكون مرجعها الأساسي الاحترام المتبادل رغم الاختلاف ولأجله، وهذا كله ثقافة لا بد أن تطبع الأعلام والإعلاميين وأن تجعل فكرهم ودورهم ينصهران في تلك الأرضية الأخلاقية الأساسية والمركزية.

يبقى أن الإعلام العمومي في حاجة للتأقلم مع التغيرات العامة وهو ما يمكن اعتباره عملية تأهيل تأخذ بعين الاعتبار المعطيات التالية:

+ أي معنى يكمن في عبارة “إعلام عمومي”؟ نقول ببساطة أنه إعلام الشعب، إلا أن كلمة شعب تزيد الأمر تعقدا لأن الشعب كيان متعدد ومتنوع ويصعب توحيد رؤيته للإعلام العمومي.

+ ما هي الضوابط التي يجب أن تحكم العلاقة بين الإعلام العمومي والسلطة، سلطة الحكم وسلطة المعارضة وسلطة المواطنة

+ ينتج عن السؤال السابق ضرورة إيجاد هياكل قرار وتعديل ومراقبة بأهداف وضوابط قانونية واضحة ومحددة

+ يجب تخصيص الإعلام العمومي بتعريف يميزه عن الإعلام الخاص، على صعوبة ذات التخصيص، خاصة عندما يدخل في الاعتبار منطق نسب التلقي وحجم موارد الإشهار وغيرها من المعطيات المتحكمة في قدرة القطاع على المنافسة

+ ويبقى الأكيد العاجل، هو وقفة التأمل التقويمي والاستشراف تكون الأرضية الأصح لما أسميته في سؤالك “إعادة بناء الإعلام العمومي”.

الإعلامي الناجح هو من استطاع كسب ثقة الجمهور بمصداقيته وموضوعيته

++ ما الذي يجب توفره في الإعلاميين أكاديميا وميدانيا حتى يكتسب الخطاب الإعلامي الموضوعية والمصداقية؟

— لا بد من الاقتناع نهائيا بأن التكوين الأكاديمي لا يمكن أن يشكل سوى أرضية سانحة لامتلاك المهنة وللنجاح فيها. وهو أمر ينطبق على التعليم، على الإعلام وعلى مختلف الاختصاصات المهنية. الدليل هو أن من مشاهير الإعلاميين من لم يكن تكوينه الأكاديمي إعلاميا ولكنه تمرس في المهنة بما جعل منه مرجعا في ذات المجال.

الإعلامي الناجح هو من استطاع كسب ثقة الجمهور بمصداقيته وموضوعيته وأخلاقيات الاحترام عنده، دون أن يعتمد في ذلك على البلاغة المفرطة والخطابة الزائفة والحماس المصطنع. ويمر الأمر خاصة بثقافة عامة واطلاع محيّن وقدرة تحليلية هي كلها الزاد الأنفع والوسيلة الأنجع والقيمة الأرفع في قطاع الإعلام.

هذه الشروط الأولى، وهي أخلاقية وثقافية، لعلها الأكثر قيمة من التعلم الأكاديمي التقليدي، على أهميته التي لا يجب إنكارها، فالمعرفة الآن متاحة بكل الطرق لكن التعامل مع المعرفة الحاصلة وتوظيفها مهنيا يبقى مرتبطا بالذكاء الفردي وبالقدرة على الإبداع والتمييز بين المهم وغيره، ثم بين المهم والأهم.

ومع ذلك يبقى للسياق العام دور في صنع الإعلامي المنشود، خاصة بما يجب أن يوفره من حرية وما يتطلبه من مسؤولية، إذ أن مسؤولية الإعلامي في المجتمع هي بدرجة حريته والمفهومان في حاجة إلى تحديد وإلى رؤية توافقية يؤول الأمر من دونها إلى الفوضى والتطاحن وتضارب المصالح، حيث أن نفس التصرف يكرم أو يهان في نفس الوقت من وجهة نظر أو من أخرى.

شخصيا تغريني عبارة إعلام القرب، لكن هذا الإعلام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تحققت سياسة القرب وحوكمة القرب عبر ما أسميه شخصيا منظومة التحادث أو المحادثة.

++ هل تتفق مع الرأي القائل بوجود أجندات داخلية وخارجية متحكمة في أغلب وسائل الاتصال لتشكيل خطاب إعلامي موجه؟

— لا مفر من الأجندات الداخلية والخارجية في مجال السياسة وتبعاتها ومسالكها الإعلامية والاقتصادية والثقافية. لذا يكمن الحل في تحقيق مناعة تحمي المجتمع والإعلام من مثل تلك الأجندات للتعامل معها حسب ما يمكن أن يجني الوطن من مكاسب حضارية وما يترتب عنها في قطاعات الاقتصاد والثقافة وقضايا المجتمع عامة، دون الإضرار بالثوابت الأخلاقية للمهنة. ولا يتم ذلك إلا بتذكية الروح الوطنية خارج السياقات الأيديولوجية والمناورات السياسوية وما إلى ذلك من المساعي السلطوية المتخفية بشعار الديمقراطية.

أما عن الإعلام الموجه، لا بد من الاقتناع بأن كل إعلام موجه ولو ادعى البعض عكس ذلك، لذا لا حل إلا في التعدد الإعلامي وتنوعه وفي الوعي الذي يحصل للمواطن عامة عبر ثقافة التحري والاحتياط من كل خطاب إعلامي بالطريقة التي تحتم التعامل معه بالأخذ من بعض أطرافه والتخلص من بعضها الآخر.

النتيجة الإعلامية الصحيحة هي التي تحصل للمتلقي بعد غربلته لجملة الرسائل الإعلامية المختلفة حد التضارب والأخذ بعصارة تحليله واستنتاجاته. وبعد ذلك، يجب عليه أن يبقى في مستوى نسبية ما توصل إليه، بحيث يمكنه الاستفادة من المحادثات الرصينة والمتبصرة قصد إدراك مشترك يكون هو الأقرب إلى حقيقة توافقية تبقى قابلة للمراجعة، طبقا لما تقتضيه الظروف الموضوعية المتغيرة.

++ ما تقييمك للمشهد الإعلامي والاتصالي الحالي في تونس؟ وهل بإمكان الإعلام القيام بدوره الحقيقي من أجل واقع أفضل؟

— أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تمت في الإجابتين السابقتين، بطريقة غير مباشرة، لكن لا بأس بالتذكير بأن المشهد الإعلامي والاتصالي الحالي في تونس في حالة بحث عن الذات وعن مرجعيات بناءة إلا أن التذبذب السياسي والتجاذب العقائدي والأيديولوجي وتضخم الذات لدى بعض الوجوه السياسية والإعلامية، كل ذلك يشكل عائقا خطيرا أمام قيام الإعلام بدور فاعل وبناء يهدف إلى مجتمع منيع ووطن مزدهر ومستقبل أفضل.

في تقويم أولي وعاجل لما حصل في القطاع منذ 2011، يمكن الإشارة إلى المعطيات التالية:

+ في محاولة سريعة، بل متسرعة، لتحرير الإعلام من الهيمنة التي كانت مسلطة عليه، جاءت هيئة قطاعية وقتية تحكمت في التراخيص الإعلامية التي تمت جلها بطريقة لم ترض المعنيين الذين يعتبرون أنفسهم أحق من غيرهم، موضوعيا، للحصول على رخصة ولكنهم لم يحصلوا عليها في حين تمكن من ذلك من لا علاقة مقنعة له بالقطاع ولا قدرة مالية ثابتة عنده لضمان سير مؤسسة إعلامية تستجيب للشروط الضرورية.

+ بنفس السرعة أو التسرع، فقدت المؤسسات الإعلامية الآليات التنظيمية التي تضمن سلامتها وأصبح كل من هب ودب يحكم بأحكامه دون أي منطق مدروس ومنهجية مضبوطة لأهداف منشودة ومتفق عليها. كان بالإمكان مراجعة الآليات القديمة لإكساب التسيير الصبغة الديمقراطية المنشودة دون الإخلال بالهيكلة العامة للمؤسسة وبحسن تسييرها.

وبالإمكان التوسع في معطيات أخرى لكن المجال لا يسمح، والأهم الآن هو الاستشراف والتصميم لمستقبل أفضل قبل الوقوف على الأطلال, وجب النظر إلى الماضي بمنطق بناء المستقبل لا بمنطق التجريم وما شابهه…

++ كيف نحمي المشهد الإعلامي الوطني من نفوذ أصحاب الجاه ورجال الأعمال؟

— لعل في هذا السؤال مغالطة خطيرة تدفع إلى اعتبار أصحاب الجاه ورجال الأعمال أعداء للوطن في حين أن مراحل تاريخية هامة تشهد على قيمة الدور الذي قام به الرأس المال الوطني لحماية البلاد والمجتمع من مخاطر كانت قادرة على دفعه في طيات المجهول ومخاطر الانحلال والتفكك.

عندما ينبني المجتمع على التكالب وراء النفوذ بتنوع أشكاله وفي مختلف مستوياته، لماذا لا ينخرط رجل الأعمال في نفس العملية كغيره؛ لذلك قلنا أن القضية أخلاقية وثقافية قبل كل شيء، ثم تصبح وفاقا في منظومة حضارية شاملة وجامعة تلتقي مع الشعور بالوطنية الصادقة.

في غياب ذلك، نبقى جميعا في منطق الغلبة للأقوى وفي استراتيجيا التحالفات الأقوى لإبادة الضعيف أو على الأقل لإخراجه من دائرة الفعل الواعي والمساهمة المسؤولة.

هذا لا ينفي وجود بعض الأشخاص أو المجموعات النافذة بنوايا مشبوهة وأهداف متنوعة ترى أن الإعلام يمكن أن يساعدها في مساعيها، وهو ممكن. في قضية الحال نعود إلى اللب الأخلاقي وإلى روح المسؤولية تجاه الوطن اللذان يتحتم وقوفهما أمام مناورات وتحركات “الفاسدين والمفسدين”؛ يقاومهم الإعلامي في تعاطيه المهني، يقاومهم المسؤول في نطاق مسؤولياته، يقاومهم الحاكم بالطرق القانونية ويقاومهم المجتمع المدني بآليات الضغط المتوفرة لديه.

++ يذهب الكثيرون إلى أن الهايكا تكرر عجزها في مجابهة الانفلات الإعلامي فأي حوكمة رشيدة يمكن إتباعها من أجل إعادة هيكلة أكثر نجاعة وفاعلية للمشهد الإعلامي؟

— العجز أو أي سبب آخر يبقى ممكنا ولعل اللافت للانتباه هو عدم تجديد الهايكا رغم انتهاء صلاحيتها ورغم نسبية الظروف التي تكونت فيها. هي بقيت إذن لتأدية دور ما محكوم بمعطيات غير مصرح بها، فهي ليست في مرحلة السعي لحوكمة رشيدة بل في مرحلة تصريف أعمال معينة، مما جعلها أحيانا في إخلال لا يختلف عن الذي طبع سابقتها: كثير من الارتجال والاعتباطية ونقص فادح في الإنصاف. أما إعادة هيكلة المشهد الإعلامي لضمان النجاعة والفاعلية، فتمر أساسا بحوار تشاركي يدلي فيه كل برأيه من كافة الأطراف المعنية وأولها المواطن.

هو حوار يجب أن يفضي لوضع آليات وسبل جديدة أو متجددة للابتكار والتصور والمراقبة على قاعدة الكفاءة والنزاهة والشفافية والإنصاف.

الخطاب من أخطر الأسلحة فتكا بالذات البشرية وبالعلاقات التي تحكمها

++ ما حدود المطالبة بالنفاذ إلى المعلومة في ظل الجوسسة الحديثة والذكية؟

— النفاذ إلى المعلومة لا يخلو من حدود وهذه الحدود يرسمها الذي يمتلك المعلومة ولا يعطيها كاملة، وعملية الحجب هذه، كليا أو جزئيا، تتم في مستوى المؤسسات أو الأشخاص، بما في ذلك الإعلاميين أنفسهم. فالنقص في المعلومة مغالطة والإفراط في التركيز على جانب من المعلومة مغالطة أيضا. أما قضية الجوسسة فذاك أمر آخر، لكن الجوسسة في طبع الإنسان قديما وحديثا والمحبذ التعاطي معها إيجابيا بالطريقة التي تجعل استغلالها للإضرار بالغير مدعاة للسخرية والاحتقار.

الإعلامي مطالب بالحصول على المعلومة وبإيصالها إلى المواطن، لكن تلك العملية التي تبدو طبيعية هي أصل الداء من حيث أن صياغة المعلومة سلطة لذاتها قادرة على كل المخاطر وكل التجاوزات. الخطاب من أخطر الأسلحة فتكا بالذات البشرية وبالعلاقات التي تحكمها. والخطاب يمكن أن يسيء بنية مبيتة أو بدونها. لذلك تحدثت عن الثقافة الإعلامية لدى المواطن من حيث هي قدرة على المحادثة: محادثة مع الذات، محادثة مع الآخر، دائما بهدف البحث عن الحقيقة التي تبقى غاية لا تدرك كليا لأن كل حقيقة نسبية بالأساس.

++ كيف تتمكن تقنيات التواصل والتكنولوجيا الحديثة من تغيير سلوك المواطن المعاصر وتكييف وجوده وحياته؟

— إن الوسائل الحديثة للإعلام والاتصال سلاح ذو حدين، فهي فرصة ثمينة تمكن من جعل الإعلام خاصة والانخراط في العمل المجتمعي عامة أكثر مسايرة لما نسميه الانتقال الديمقراطي، متى ارتكز ذلك على أرضية أخلاقية سليمة تحمل بالأساس معاني الشراكة في حب الوطن وخدمته والسعي للبذل والعطاء في سبيله دون حسابات مفرطة في الذاتية ودون رغبة في الهيمنة واستغلال النفوذ.

لا بد إذن من ثقافة جديدة للتعامل مع هذه الوسائل الحديثة، تنطلق من العائلة عند السنوات الأولى من العمر وتتواصل مدى الحياة مع المواكبات الضرورية. هذه الثقافة مؤهلة إلى أن تتحول إلى وعي فردي يتسع شيئا فشيئا إلى وعي جماعي يكون هو المغير للمجتمع.

لنأخذ مثلا الشبكات الاجتماعية، هي آلية يمكن أن تؤسس لمجتمع المحادثة، وهو مجتمع الاحترام والتشارك وتنسيب الحقائق، لكن ما نراه فيها من شتم وهتك للأعراض وتعبير عن الضغائن والأحقاد يجعلنا نأسف على السرعة التي يمتلكها الإنسان قصد استغلال أنبل اكتشافاته العلمية في التعامل الهدام، لنتذكر ما آل إليه اكتشاف نوبل للديناميت.

يمكن القول إن التقنيات الحديثة مادة خام باستطاعتنا أن نصنع منها جوهرة ثمينة أو شيئا آخر في غاية القبح، وأستعير هنا صورة للإمام الغزالي في موضوع التربية. لنا إذن أن نجعل من التقنيات الحديثة فرصة للتعلم الذاتي وللدربة على المحادثة البناءة التي هي ركيزة من ركائز الديمقراطية، وفي ذلك يكون للإعلام دور إفادة واستفادة.

للأسف، الكثير مما نرى ونسمع ونقرأ لا ينبأ بكثير من الخير، لكن الأمل يبقى في التزامنا الواعي بما ينفع الناس والوطن.

أجرى الحوار: م. الشارني – أوت 2018

نشر “صوت المستقبل” ( voixdavenir.com) في تاريخ 25-01-2021

إعلام واتصالحواراتدراساتسيرة وبيبليوغرافيا

حوار، ديمقراطية، انتقال، إعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.