صدر مؤخرا، عن دار بتانة للنشر بالقاهرة، كتاب “محادثات النص الأدبي، مقاربات إبراخيلية” للكاتب والمفكر والمترجم منصور مهني، المؤسس لمفهوم الإبراخيليا الحديثة ولمجال البحث المتعلق به وتم عرض الكتاب لأول مرة في معرض الشارقة الدولي للكتاب من 30 أكتوبر إلى 9 توفمبر 2019, وهو كتاب يمكن اعتباره مدخلا مهما إلى الإبراخيليا العربية.
يحتوي الكتاب مجموعة من المقالات تعرف المفهوم الحديث وببعض تطبيقاته الأدبية، وهي موزعة كالآتي:
¤ مقدمة: الإبراخيليا الحديثة بين التنظير والتطبيق
¤ مدخل إلى الإبراخيليا العربية
¤ لا خاب ظن في… شاعـر حول بيت لأبي نواس
¤ النـص الثّــائر بيــن الصَّــورة والعـبر، «جمالي في الصور» لميسون صقرُّ
¤ التجربة الوجودية لنجوم الغانم بين شعر الليل وليل الشعر أو المهاجر على قلق الليل ولا مستقر
¤ عادل خزام بين كلمة الكون البيضاء والإدراك الروحي للذات
¤ الإبراخيليا الحديثة: الاختزالية وفكر التحادث في عمق فلسفة الديمقراطية (حوار خاص أجراه محمد سعد برغل مع د. منصور مهني صاحب «عودة سقراط»)
ونقرا في المقدمة هذه التوطئة:
“تعرف في القواميــس بأنهــا الحــوار والنقــاش والحديــث ُوالمناقشــة والمباحثــة والمكالمــة… إلــخ. مــع مــا يطرحــه الـتـرادف من جدل حــول إمكانيــة أن يكــون مطلقا أو أنــه مفهــوم يؤسًس لآليــة تحليليــة في الأدبيــات اللغويــة هــي «الحقــل المعجمــي». ولعــل اســتعمال الكلمــة في الســياق الحــالي يجمــع بــين جميــع المرادفــات المذكــورة دون أن يندمــج كليا في استعمال مرادف واحد منهــا.
ذلــك أننــا أرجعنــا المحادثــة إلى أصــل فلســفي نعتقــد أن الفيلســوف ســقراط أرسى دعائمــه في مســار فكــري وأخلاقــي أســميناه «الإبراخيليــا» للإشــارة إلى لفــظ إغريقــي Brachylogia كثيرا ما ترجــم إلى القـصـر والاختــزال، لكننــا نزعــم أنــه أوســع مــن ذلــك لأنــه رؤيــة للخطــاب وللحيــاة تنبنــي عــلى اعتبــار التخاطــب ينبغــي أن يحقق ــق مســاواة بــين المتكلــم والمتلقــي، وأنهــما مطالبــان بالتــداول عــلى الــكلام المختــزل ليحققــا التفاعــل المنشــود بمــا يســميه ســقراط «روح المحادثــة» أو «فكــر المحادثــة». فبتلــك الطريقــة يمكــن التأســيس لديمقراطيــة حقيقيــة لا بســلطة الخطــاب البلاغي الــذي يحــاول فــرض رأي المتكلــم عــلى المتلقــي، دون الاكـتـراث بطبيعــة ذات الرأي إن كان حاملا للحقيقة أو لغيرها.
مــن وجهــة النظــر تلــك، تبــدو المحادثــة ممكنــة مــع الــذات كــما مــع الغــر، ســواء كان هــذا الغــر إنســانا، أو كائنا آخــر مــن الأحيــاء أو مــن ُّ الأشــياء التــي يوفرهــا المحيــط. والأهــمِّ في ذلك أن تؤول المحادثة إلى ســؤال الــذات وإلى نســبية الحقيقــة. كيــف إذن لا تنطبــق المحادثــة عــلى التعامــل مــع الخطــاب عامــة ومــع النــص الأدبي بصفــة خاصــة؟”